أبدأ هذا الجزء الثالث من « رسالة الإسلام الأصلية » بالتذكير مرّة أخرى وبإصرار بمعنى كلمة « إسلام ». فمادة هذه الكلمة في اللغة العربية هي « س – ل – م » والتي منها « سِلم » أصغر كلمة ؛ فمفهوم الإسلام مشتق من السلم والسلام لفظاً ومعنى. وعليه فالإسلام هو تحقيق السلم والسكينة وإقامة السلام واستعادته وصيانته. إنه الخضوع لله بسلام. فالإسلام هو تفعيل وتثبيت للسلام والكلمة المناسبة لهذا المفهوم في الفرنسية هي « pacification ». فمن يسلم نفسه لله يدخل في السلم ويكبح جماح التمرد والعصيان في نفسه ومن حوله فهو مسلم « pacifié » ومسالم « pacifiste » يجنح إلى الهدوء والأمن والطمأنينة ، خال من الصراعات والنزاع ؛ فيصبح قلبه سليما صالحا ويكون في حالة سلام مع الله ومع خلقه.
على عهد رسول الله عليه السلام كانت لكل قوم مقاييسه الأخلاقية كما كانت مفاهيم الخير والشر مختلفة من أمة لأخرى. ولكن منذ النصف الثاني من القرن العشرين بلغت الإنسانية مستوى عال من الحضارة والمعرفة إذ ما فتئت العلوم والتكنولوجيا تشهد طفرات غير مسبوقة. لكن ذلك لم يُحدِث تغييرا في قابلية الإنسان للخطأ ، ولئن تغيرت المظاهر فالجوهر بقي على ما هو عليه.
لا تزال مظاهر الفساد والشر تتفاقم لكن بمُسمَّيات جديدة كالظلم والتدليس والتلاعب بالجماهير والظلامية والبؤس والمجازر والأزمات بكل أنواعها والتهريب وتدهور البيئة وانقراض الأنواع والتلوث وتغير المناخ وما إلى ذلك من أنواع الفساد في الأرض. وقد جاء في هذا الأمر نبوءة قطعية في الآية 41 من السورة 30 (الروم) :
ففي أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية وفي مناطق عدة من العالم تُستنزف الغابات وتُجفّ البحيرات والأنهار وتدمّر الأراضي والقرى وتُشرّد الأهالي ، كما يعيش الملايين من الناس دون مستوى الفقر المدقع ويموت مئات الآلاف ضحايا المجاعة والقتل والخطف والاتجار بالأعضاء بالإضافة إلى الملايين من النساء اللاتي يتعرضن للضرب والعنف ومئات الآلاف من الأطفال الذين يقاسون من العبودية. كل هذه الحالات لا يكاد يسمع عنها إلا حين تبلغ درجة قصوى من الفظاعة أو في مناسبات كالمباريات العالمية لكرة القدم.
ومن المفارقات أيضا أن الإسلام يزيد إشعاعا وتقدّما ليصل إلى الدوائر العلمية بينما العالم الإسلامي في تقهقر مستمر وهو أبعد ما يكون عن القدوة الحسنة.
فقد أصبح الإسلام والمسلمون كهاجس أو كابوس يؤرّق العالم إذ لا يكون الحديث عنهما إلا في سياق الحرب والإرهاب والمهاجرين واللاجئين.
إن هذه المفارقة لأقوى دليل على أن الإسلام بأصالته كرسالة إلهية يَتَباين تماما عن المسلمين وهُم كسائر البشر معرّضون للضعف والخطأ. وقد جاء في الآيات 26 و 27 و 28 من السورة 4 (النساء) :
يتمتع الإسلام بحيوية تتجلى مثلا في عدد المسلمين الذي يتجاوز المِليارَيْن كما أن عدد معتنقيه في تزايد مستمر ليصبح عاجلا أم آجلا أول دين على وجه المعمورة. إن الانتشار الواسع للإسلام يتناقض مع انحطاط بعض المسلمين ولا تفسير لهذا سوى البعد العالمي لرسالة الإسلام الأصيلة التي يمكن تمييزها عن التقلبات التي واجهها المسلمون منذ قرون. ونقرأ في الآية 9 من السورة 61 (الصف) :
ومن المفيد هنا أن أذكّر بأن مادة « د – ي – ن » تعبر عن معنى ما هو حق عليك والمطلوب عليك لدى الآخرين مثل القرض كما تعني أيضا الواجب ، ما هو حق عليك بالأداء إلى الله.
أضحى ظهور الدجال والدجل أمرا واقعا اليوم ، والدجل والدجال في العربية معروف في الثقافة اليهودية والمسيحية بكونه عدو المسيح.
ومن مميزات الدجالين كدجل آخر الزمان أنهم يحتالون على الناس ويخدعونهم بمظاهر الدين والعفة وبارتداء اللباس الديني على اختلاف أنواعه في مختلف الأديان كالعباءة واللحية والقبعة وغيرها مما يجعلهم في نظر كثير من الناس الممثلين الرسميين للدين بل لله عز وجل إلى أن يظهر الله نوره أي نور المعرفة ويدحض قوى الشر والظلامية.
بقناع إسلام مشوه حرّف الجهلة المتعصبون وما زالوا يحرفون دين الإسلام السمح وذلك باقترافهم أبشع الجرائم ضد الله وضد الإنسانية. إنهم إذ يشوهون الإسلامَ وقِيَمَه العليا ، يشعلون نار الفتنة والعداوة بين الناس ويروّجون الفساد والعنف والطائفية. فإن كان هؤلاء المجرمون ، وهم شر البرية ، يستهدفون الحضارة الإنسانية جمعاء فالمسلمون هم أول ضحايا أفكارهم وممارستهم الشنيعة.
فالمجرمون لا دين لهم ولا ملة ، ولا يجدون راحتهم إلا بالتقتيل ويعيثون في الأرض فسادا. والإسلام يُدين ويتوعد أمثالهم من أولياء الشيطان ، فالويل لهم في الدنيا وفي الآخرة.
إن الإسلام بريء من الجرائم والفظائع والمجازر التي يرتكبها باسمه المارقون المنحرفون المجرمون. إنهم أولياء الشيطان والمفسدون في الأرض.
إن الله لا يحب العدوان والمعتدين ولا الظلم والظالمين ولا الفساد والمفسدين في الأرض المتعطشين للدماء والسفاحين. إن أصل مشكلة الإرهاب الشنيع الذي يُرتكب باسم الإسلام يعود إلى العقيدة التقليدية الظلامية المتوارثة والتي تقوم على التعصب والعنف وتدعو إلى الكره والتقتيل.
هذا النوع من العقائد الضالة والمعارضة لتعاليم الإسلام الأصلية لها عظيم الأثر على الجهلة وضعاف العقول لأنها تجعل منهم مجرمين عتاة.
لكل هذا وذاك أصبح لزاما وحتما علينا أن نتدارك الأمر بتوعية المسلمين وتعليمهم الإسلام الأصيل الذي من تعاليمه الأساسية الحث على العلم والتقدم ونشر التسامح والسلام وبناء الحضارة.
وأُذكّر هنا أن كلمتي « أَمْن » و « إيمان » في اللغة العربية لهما مادة واحدة وهي « أ – م – ن »: وكلمة « أَمْن » هي أدنى صيغة من هذه المادة للتعبير عن الطمأنينة والضمان والأمان.
والإيمان بالمفهوم القرآني يُكتسب عن طريق المعرفة أي بالتحري والتأكد والتثبت ، فهو ليس مجرد مسلمات نسبية وغامضة.
فالإيمانُ بوجود الله فطريٌّ عند الإنسان ويكون بما أوتي الإنسان من ملكة العقل. إن الشهادة بالله تكون بالضرورة على علم وإدراك.
أترجم كلمة « المؤمن » بكلمة « l’assurant » لأن المؤمن يبحث ويتحرى الحقيقة للوصول إلى اليقين الذي لا يخالطه شك ومن ثم يصبح آمنا ومؤمنا.
فالمُتعارف عليه عالميا والمُتأصل في كل شعوب العالم التي تؤمن بالله وباليوم الآخر مُلَخَّص في الآية 77 من السورة 28 (القصص) :
كما أُذكّر مرة أخرى أن كلمتي « الظلمة » و « الظلام » تشتركان مع كلمة « الظلم » في المادة « ظ – ل – م ». أما معنى « الظلمة » و « الظلام » فهو السواد والعتمة أي انعدام النور سواء حسيا أو معنويا وأما الظلم فهو الجور ووضع الشيء في غير موضعه أي ضد العدل.
فالمتأمل يلحظ تلازما بين الظلم والظلام ، فالظالم كمن يسير في الظلمة وانعدام النور فهو لا يبصر بل يتخبط ولا يرى معالم الطريق ويضع الأشياء في غير محلها ؛ فينحرف عن الصواب ويغرق في الظلام والظلم فتتراكم الظلمة عليه وتؤول به إلى ارتكاب المظالم فيصبح ظالما إلى درجة الغياب في غياهب الظلام الفكري والروحي.
بناء على كل ما سبق يمكننا القول بأن الظالم مُظلِم وظلاميّ والعكس صحيح أي أن المُظلِم والظلاميّ ظالم بل حتى المظلوم أي من وقع عليه الظلم يكون مُظلِم إذ يمارس عليه التضليل ، وتبعا لذلك تظلم الدنيا في عينيه ولا يقدر على شيء.
واللافت للنظر هو أنه ينسب إلى الرسول عليه السلام حديث رواه كل من مسلم والبخاري يؤكد العلاقة بين الظلم والظلام والظلامية : « اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ». على ضوء هذه المعطيات ترجمت كلمة « ظالم » بكلمة « obscurantiste ».
وجاء في الذكر الحكيم في الآية 16 من السورة 13 (الرعد) :
وأذكّر هنا أنه على عكس عربية القرآن فإن مفهوم « الظلامية » (obscurantisme) لم يظهر في اللغة الفرنسية إلا منذ القرن التاسع عشر ، وتحديداً منذ عام 1819 ، للدلالة على أن الظلامية معارضة للتنوير.
فرسول الله محمد عليه السلام لم يخض طوال حياته معارك هجومية أي عدوانية ، وكل المعارك التي خاضها كانت دفاعية وفي بعض الأحيان وقائية وهذه حقيقة تخالف ما يدعو له المتطرفون من أهل التقليد.
والمعارك الدفاعية هي ما يسمى بجهاد الدفع ، أما جهاد الطلب فهي تلك التي تمت ناذرا وكانت تحسبا ودرءا لعدوان.
ومن المفيد هنا التذكير بمعنى كلمة « جهاد » التي تعني بذل الجهد أي بمعنى التفكير والعمل بجهد. إن هذا المعنى الأول قد يتسع لينطبق في ظروف خاصة على القتال المسلح. لذلك حين يكون الكلام خاصا بالحرب فالقرآن يستعمل كلمة « قتال ».
فالذين جاؤوا بعد الفترة النبوية وحوّلوا جهاد الطلب أي المعارك التي تكون تفاديا لهجمات العدو إلى حروب هجومية وعدوانية وتوسعية فهم يحملون مسؤولية عملهم هذا أمام الله وأمام التاريخ.
إن الإسلام الأصيل هو دين عالمي إنساني بينما التقليد الإيديولوجي يؤدي إلى الطائفية والانطواء والانكماش على الهوية. فالإسلام الأصيل هو من التعاليم الإلهية السامية التي أنزلها رب العالمين أما التقليد الإيديولوجي فهو من التحجر والتعصب المذهبي والطائفي الضيق.
إن بعضا من الضالين يفنون حياتهم في التخاصم والتشاجر بلا هوادة كل حزب بما لديهم فرحون وهم يظنون أنهم يحسنون صنعا والكل يهلل ويكبر ويدعي أنه يدافع عن دين الله الحق.
إنهم في حالة من ضيق الفكر والجهالة هوت بهم إلى الظلامية والأوهام والعنف ؛ فها هم يسلكون مسلك الجاهلية الأولى.
لقد أصبح العديد منهم رهائنا أو مجرد دمى للتزمت ولقناعات بالية ما أنزل الله بها من سلطان فلا حول ولا قوّة إلّا بالله العلي العظيم.
ونقرأ في الآية 77 من السورة 5 (المائدة) قوله تعالى :
ومن مظاهر هذه الخلافات بين المسلمين يوم عاشوراء ، وهو اليوم العاشر من أول شهر من السنة الهجرية. كيف يعقل يا ترى أن يكون هذا اليوم يوم بهجة وفرح ومرح للملايين من المسلمين في حين أنه يوم حزن وكرب وكآبة لملايين آخرين يصل بهم إلى ضرب الصدور ولطم الخدود.
فالمؤرخون المسلمون يُجمعون على أن الحسين حفيد الرسول عليه السلام قُتل وقطع رأسه في يوم عاشوراء الموافق للعاشر من أكتوبر من سنة 680 ميلادية.
فمن ذا الذي يطيب له من المسلمين أن يفرح بذلك اليوم ومن ذا الذي يطيب له تعذيب جسده حزنا على أي كان والإسلام ينهى عن ذلك مهما كان السبب.
الأحرى أن يكون هذا اليوم مناسبة للتفكّر والتدبّر واستقراء الماضي والحاضر للاعتبار ولبناء مستقبل أفضل.
وأنتهز هذه الفرصة لأقول كلمة في عادة إحياء أعياد ميلاد الرسل والأنبياء إذ لم يعهد أن موسى وعيسى ومحمد عليهم السلام قد احتفلوا بعيد ميلادهم. فاليهود والمسيحيون والمسلمون الأوائل لم يحتفلوا بهذه المناسبات. كما أنه لم يعثر على أثر أن هؤلاء الأنبياء قد حثوا أتباعهم على الاحتفال بمثل هذه المناسبات.
رغم هذا لا أقول بأن هذه الحفلات حرام ما لم تأخذ طابع التقديس والتأليه.
وعلى صعيد آخر كان الرسول عليه السلام يعيّن ويرسل موفدين ومعلمين للدعوة إلى التوحيد وتبليغه بسلام. ومع هذا لم يؤسس سلطة دينية ولا حكومة ولم يعين شخصا على وجه التحديد وبشكل مؤكد لممارسة سلطة سياسة أو دينية بعده.
إن الإسلام الأصيل لم يُضْفِ أية شرعية على تأسيس سلطة دينية أيا كانت صورتها وطبيعتها ، إنما الذي فعل ذلك هو التقليد الإيديولوجي ولا يزال.
إن الإسلام ينشر فلسفة ونموذجا للدنيا والدين أما التقليد فيروّج لإيديولوجية نظامية ضيّقة. يمكننا أن نستخلص من الآية 36 إلى الآية 43 من السورة 42 (الشورى) مُلخّصا دينيا وتربويا وسياسيا واجتماعيا :
وبخصوص الصلاة ، جاء في لسان العرب : « الصَّلا وسط الظهر من الإنسان ومن كل ذي أربع ، وقيل : هو ما انحدر من الورِكين ، وقيل : هي الفُرجة بين الجارِعة والذَّنَب ، وقيل : هو ما عن يمين الذَّنَب وشِماله ». وفي سباق الخيل تطلق كلمة « المُصَلِّي » على الفرس « الذي يجيء بعد السابق لأن رأسه يَلي صَلا المتقدِّم وهو تالي السابق » و « يقال : صَلَّى الفرسُ إذا جاء مُصَلِّياً ».
وتأدية الصلاة تكون بتتابع ووصْل الحركات وإلحاق بعضها ببعض وهو ما يقوم به المُصَلِّي أثناء أداء صلاته. وكذلك فعل إبراهيم مع إسماعيل – عليهما السلام – حين رفعا القواعد من البيت في مكة إذ وَصَلا بين المبنى وقواعده ، وكذلك يفعل المسلمون حين يطوفون بالكعبة ويَصِلون بينها وبين الصفا والمروة سعيا.
فصلاة المسلم من حيث تتابع ووصل القيام بالركوع ثم الارتفاع حتى الاعتدال قياما ثم السجود ثم الجلوس حتى الاستواء كلها حركات متتابعة متصلة بعضها ببعض ، كل منها تفضي إلى التالية. من هنا كان اختياري لكلمة « jointoiement » لأنها تشتمل على كل هذه المعاني.
أعود إلى حديثي لأقول أن الإسلام لا يمكن أن يمثَّل بسلطة دينية أو برجال دين ولا بمؤسسة تابعة للدولة. أما العلماء من أهل الاختصاص في دين الإسلام فلا تخويل لهم سوى إبداء الرأي والنصيحة.
بعد وفاة الرسول عليه السلام سنة 632 ميلادي أدّت أحداث وظروف تاريخية ، يطول سردها هنا ، ببعضهم إلى التشريع في مجالات عديدة. فقد فسّر بعضهم القرآن وسيرة الرسول عليه السلام وفقا لوجهة نظرهم بينما فسرهما كثير غيرهم تبعا لأهوائهم ومصالحهم. من هنا نتج ما يسمى الشريعة وعلم الكلام والفقه عند المسلمين.
من أجل ذلك وجبت علينا اليوم أكثر من أي وقت مضى دراسةُ تاريخ الإسلام على عهد رسول الله عليه السلام وما آل إليه بعد وفاته دراسةً دقيقة وموضوعية وتاريخية بمنهج علمي خالص. لابد من دراسة نشوء العلوم الدينية مثل الفقه والكلام للتمكن من الرجوع الى الرسالة الأصلية للإسلام.
إن الله سبحانه وتعالى علَّم الإنسان الأسماء كلها ، إذ يقول في الآية 31 من السورة 2 (البقرة) :
{ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا… }.
وذلك بقصد التفكير والتدبر والتحليل والتمييز بين الأمور ثم التشريع تبعا لذلك. فشريعة الله التي لا تجد لها تحويلا ولا تبديلا هي حصرا سنن الله الجارية في الكون مثل قوانين الفيزياء التي لا تتغير ولا يمكن خرقها مذ خلق الله الكون.
وما سواها من شريعة أو قانون مرهون بالزمان والمكان والأسباب والظروف والغايات. هذه مسائل بيّنة لا نقاش فيها ولكن الجهلة وأهل التطرف هم كما جاء وصفهم في قوله تعالى في الآية 179 من السورة 7 (الأعراف) :
وأغتنم هذه الفرصة لأُذكِّر بالتقارب المعنوي والصوتي لكلمة « الجان » في العربية وكلمة « gène » في الفرنسية والذي يشير إلى الجنس أو العرق.
لنعد لصلب الموضوع ، فالمسلم العارف بأمور دينه يعلم أن القرآن وحده هو الوحي الإلهي المنزل فهو إذن مقدس ، وما عاداه فهو من صنيع البشر وبالتالي لا يتمتع بالكمال.
والقرآن يؤكد بصريح العبارة على حرية الرأي والمعتقد والتعبير وباختصار على الحرية عموما. فحينما أخبر الله سبحانه الملائكة أنه جاعل في الأرض خليفة « لما سبقه » في الأرض في الآية 30 من السورة 2 (البقرة) كان ردهم :
إن المتمعن في القرآن يدرك أن القرآن يضمن هذه الحرية أي حرية الرأي والمعتقد في مواقف عديدة.
فالحرية جزء من مقومات الإنسان الأساسية وهي ليست حكرا على الإنسان الغربي ؛ فقد ناشد الحرية وهتف باسمها كل المضطهدين والمستضعفين في الأرض ، من سائر الأقوام والشعوب عبر تاريخ الإنسانية.
وفي العصر الحديث ساهم كفاح الشعوب المستعمرة والمنهوبة والمستعبدة في ترسيخ الحرية كمفهوم عالمي وهي وثيقة الصلة بتطور الإنسان ورقيّه.
ومن المؤسف أن تكون بعض البلدان التي تعد إسلامية هي آخر من ألغى الرق ممّا يتعارض بشكل صريح مع تعاليم القرآن وسنة الرسول عليه السلام التي تحثّ على عتق الرقيق وتحرير الرقاب.
من الأمثلة الكثيرة قوله سبحانه الآية 177 من السورة 2 (البقرة) :
وأغتنم هذه الفرصة للتذكير بمعنى كلمة « زكاة » في العربية أي النَّماءُ والطهارة والصفاء والزيادة فيهم. والزَّكاةُ في الشرع حِصّةٌ من المال تؤدى إلى المستحقين وذوي الحاجة. لذاك ترجمتُ كلمة « الزكاة » إلى الفرنسية بكلمة « épuratoire » التي هي أقرب من غيرها إلى هذه المعاني.
والحمد لله رب العالمين.
مرحبا بكم في الموقع الرسمي لمؤسسة حفظ و نشر أعمال السيد فريد قبطاني