رسالة الإسلام الأصلية 4

فريد قبطاني

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

« … رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26)  وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27)  يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) »
س 20 (طه).

« … رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا (80) »
س 17 (الإسراء).

 

في هذا الجزء الرابع من سلسلة المحاضرات حول رسالة الإسلام الأصلية ، أود أن أتطرق إلى مسألة عالية الأهمية وهي من القضايا الراهنة التي تخص الجميع وتتعلق بنصف البشرية ألا وهي المرأة والحق الطبيعي الذي شرعه الله سبحانه وتعالى.

قبل الشروع في هذا الموضوع يجب أن أذكِّر بأن الحق الطبيعي هو كامل الحقوق التي يملكها كل فرد بحكم انتمائه إلى البشرية وليس بحكم المجتمع الذي يعيش فيه.

لقد أخرج أهل التقليد آيات قرآنية عن سياقها الخاص بظروف زمنية ومكانية محدّدة وبأسباب وغايات معيّنة لإبقاء المرأة تحت وصاية الرجل.

وبانسياق الكثير من المسلمين وراء خطاب أهل التقليد دون تمييز ولا هُدى أصبحوا وللأسف في مؤخرة الركب الحضاري فيما يخص حق المرأة في التحرر.

وإضافة إلى كونها مهزلة فإن نظرة التقليديين هذه تتعارض كُلِّيا مع صميم القرآن والرسالة الأصلية للإسلام.

كل بني آدم من رجال ونساء يولدون ويمكثون بالضرورة أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق بفضل الله وأمامه. والقراءة التحليلية للنص القرآني بكامله لا تترك أدنى ريب في هذا الموضوع.

وقد أعلن القرآن هذا التكافؤ في الحقوق رسميا في الآية 35 من السورة 33 (الأحزاب) :

{ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا }.

كما نقرأ في الآيتين 71 و 72 من السورة 9 (التوبة) :

{ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71) وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72) }.

ويبقى هذا التكافؤ قائما في الدنيا وفي الآخرة ؛ إذ نتلو في الآية 12 من السورة 57 (الحديد) :

{ يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }.

هذه آيات بينات مُحكمة لا تدع مجالا للإبهام أو الغموض فيما يخص المساواة بين الرجل والمرأة.

وكل خطاب يستنبط من القرآن ينافي الآيات المذكورة أعلاه فهو إما خطأ في فهم المعنى أو تفسير بعيد عن الصواب بحسن نية أو بسوء نية أو قد يكون مرتبطا بمقاصد وغايات خاصة أو بظروف تاريخية واجتماعية وثقافية معينة.

مثال ذلك الآية 228 من السورة 2 (البقرة) والتي فُهمت على أن الرجل أعلى درجة من المرأة أي من قبيل التفضيل بينما القصد هو أنه في حالة خلاف أو سجال مثلا تكون على عاتق الرجل مسؤولية أكبر :

{ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }.

فهذه الآية تدل بكل وضوح على أن حقوق المرأة لا تقل عن واجباتها ومن ثمّ تكون الدرجة المذكورة في الآية هي درجة مسؤولية أكبر بالنسبة للرجال مقارنة بمسؤولية النساء وسياق الآية يوضح هذا ويثبته.

ولنا مثال آخر في الآية 34 من السورة 4 (النساء) :

{ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا }.

وقد احتوى فهم هذه الآية عدة أخطاء :

1. إن عبارة « الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ » فُهمت بأن الرجل هو صاحب القوامة في كل الأحوال فهو رب الأسرة مطلقا. والحقيقة أن هذه القوامة مرتبطة بظروف زمنية وفقًا لقدرات الرجل الاجتماعية وإمكانياته المالية على الإنفاق كما يدلّ على ذلك ما يلي هذه العبارة : « بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ».

2. أما عبارة « وَاضْرِبُوهُنَّ » فقد فُهمت على أن للزوج الحق في ضرب زوجته ؛ في الواقع ، لابد من فهم الضرب بحكم السياق بمعنى الجماع. فعند ظهور بوادر نشاز الزوجة وتفاديا للشقاق يُنصح هنا الزوج أن يلجأ لعلاج هذه الحالة بشكل تصاعدي بالوعظ ثم الهجر والإعراض في فراش الزوجية ثم يتوخى إنهاء الأزمة بالجماع لأثره الإيجابي على نفسية المرأة والرجل.

3. وعبارة « فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ » فُهمت بأنه على المرأة طاعة زوجها. هذه الطاعة ليست مطلقة وهي مقيدة بسياق الآية وهو الخصام بين الزوجين ولا يمكن تعميمها على كل الأمور.

وختمت الآية بقوله تعالى « إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا » تذكيرا بأن الله تعالى جل شأنه أكبر وأعلى من السجالات والخصومات الزوجية.

ومن القضايا الشائكة التي تحتاج إلى وقفة أيضا ، الفهم التقليدي لبعض آيات القرآن بشكل يجعل شهادة الرجل تساوي شهادة امرأتين استنادا إلى قوله تعالى « أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ».

 هذا خطأ فادح يأخذ نصيبا من الآية ويترك آخر كمن يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض. وقد أثار هذا الخطأ نقاشات حادة وجدالا لا نهاية له تحت غطاء حجة واهية مفادها أنه لو كانت شهادة المرأة تساوي شهادة الرجل لشهِدت النساء ضد أزواجهن.

مثل هذه الأقاويل الفارغة نجدها في فرنسا في النصف الأول من القرن الماضي بشأن حق المرأة في الانتخاب حيث كان المناوئون يعللون موقفهم بأن المرأة ستنتخب مثل زوجها أو مثل القسيس.

وقد بُنِي هذا الادعاء الباطل حول شهادة المرأة من خلال الآية 282 من السورة 2 (البقرة) التي تتحدث عن كتابة الديون وتوثيقها في حين أن تقييمَ شهادة المرأة بنصف شهادة الرجل أمرٌ محدد بكتابة الديون فحسب. أما في غير أمور المداينة فتستوي شهادة المرأة والرجل. لذا يكون التعليل من هذا المقطع هو تعميم غامض قابل للنقاش والتفنيد حتى في أوساط المفسرين والتقليديين القدامى.

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }.

والآية في الحقيقة مفادها بيان ضوابط التعامل في الديْن وكيفية كتابته والإلزام بتوثيق وكتابة الديون بحذافيرها وآجال سدادها.

ولتفادي الشبهة في العقود يكون اختيار الشهود ظرفيا وبحسب تقييم المتعاقدين ورضاهم بالشهود.

وزيادة على كون هذا الخطاب خاضعا لظروف المداينة من زمان ومكان وأسباب وأهداف وملتزما بها فإن المسألة لا تخص بتاتا قيمة شهادة المرأة أو الرجل ؛ إذ أن شهادتهما متساوية تماما بصريح النص القرآني من الآية 6 إلى الآية 9 من سورة 24 (النور) لمن أراد أن يستنير بنور القرآن لا بقول التقليديين :

{ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدۡرَؤُاْ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9) }

فهذه الآيات محكمة وبليغة وواضحة لا تترك مجالًا للغموض فيما يتعلق بالمساواة بين الجنسين في مسألة الشهادة ؛ فشهادة المرأة مساوية لشهادة الرجل.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الآيات جاءت في موقف تَعَرُّضِ المرأة للقذف والتهمة بالفاحشة. زد على ذلك أن هذه الآيات وردت في السورة 24 (النور) التي تأمر في الآية 4 بتنفيذ عقوبة شديدة على من يشهد شهادة الزور ضد المحصنات من النساء ما لم يأت بأربعة شهداء أي أن يبرهن ويثبت تهمته باجتماع أربعة شهداء :

{ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }.

الباء حرف جر يفيد معاني عدة مثل الاستعانة والسببية والمعية والظرفية مكانيا أو زمانيا كما تفيد التعدية والقسم والإلصاق والتوكيد وغيرها من المعاني. وقد يجتمع أكثر من معنى في العبارة ، لذلك أوليْتُها أهمية قصوى وترجمتها حسب السياق بكلمة « par » على أن يتم تعيين وتحديد معناها من سياق الآية.

والآن لنأخذ مثالا آخر مما يخضع لظروف الزمان والمكان والأسباب والأهداف ألا وهو حق المرأة في الميراث. ولكن قبل ذلك أود أن أوضّح أن مبادئ الدين عند التقليديين مُقنّنة ومقدّسة من خلال فرعين متميزين ومتكاملين ألا وهما علم أصول الدين وعلم أصول الفقه.

فعلم أصول الدين هو ما يعرف بعلم العقائد كما يسمى أيضا بعلم التوحيد وعلم الكلام والغاية منه إثبات العقائد الدينية.

أما علم أصول الفقه فيبحث أساسا في القواعد والنصوص التي منها يتم استنباط ما يسمى بالأحكام الشرعية.

وقد يطول الأمر ويستعصي عند الخوض في مسألة الميراث ، سواء في كتب الفقه أو التفسير لأن كل هذا التراث يعتبر منذ قرون أن أحكام الميراث وتحديد الأنصبة قضية ثابتة وجامدة لا يمكن تغييرها في المجتمع الإسلامي.

وغنيّ عن القول ، عند التقليديين ، أن المبدأ الأول والقاعدة الأصل في هذه المسألة ، هي أنه بالنسبة للأخ والأختين ، على سبيل المثال ، يرث الذكر 50٪ والأنثيان تتقاسمان الـ 50٪ المتبقية ، أي 25٪ لكل منهما.

معلوم أنه قبل القرن السابع ميلادي وبعده بكثير ظلت المرأة عند العرب تحت سلطة وهيمنة الرجل التعسفية بكل معانيها. ومع ذلك فإن نفقة الأسرة كانت تقع على عاتق الرجال فقط. فلم تكن المرأة ملزمة بالمساهمة في النفقات ولو كانت غنية. بل وكانت أنفة الرجال ونخوتهم تأبى قبول مساعدة مالية من زوجاتهم.

ولما جاء الإسلام لم يحصر الميراث في الذكور بل فرض للمرأة حقها في الميراث وقد كانت محرومة منه بل وفي بعض القبائل كانت تورث في جملة التركة. لذا يعتبر تحديد مقدار نصيب المرأة في الميراث آنذاك وفي تلك الظروف امتيازا لها ومكسبا لحد ما ؛ لا سيما أن ما يرثه الرجل يُنفقه عند الحاجة على الأسرة في حين يبقى ما ترِثه المرأة خالصا لها تفعل فيه ما تشاء. إضافة إلى ذلك فقد أصبح من حق المرأة أن يُدفَع لها أجر على إرضاع ما تلد.

لقد لخّصت بعجالة ظروف تلك الفترة التي قد تبرر وتشرح المغزى من حجم معدل الميراث عند نزول الوحي ، لذا لا أناقش هذا المعدل متى ظل مرتبطا بتلك الظروف لا غير.

المفارقة هي أن ّ فهم التقليديين لحقوق المرأة في النص القرآني لا يزال إلى يومنا ، متحجرا وجامدا لا يتغير بتغير الزمان والمكان ، سجين المسلّمات الدينية التقليدية والبالية بل السخيفة في ضوء متغيرات ومستجدات العالم الحديث.

كيف يمكن إقناع هؤلاء بأن الذي تغير منذ ظهور الإسلام ليس الزمن فحسب ولا القرن الذي نعيش فيه بل العالم برمّته قد تحول.

والأعجب هو أنه لا تزال فئات اجتماعية وأوساط ثقافية مختلفة ليس عند المسلمين فحسب ومن النخبة أيضا تتمسك بثوابت الماضي الذي كانت تسود فيه الظلمات ما عدا بصيص ضئيل من نور.

مع أن الأمر بيِّن وواضح في نص الآيات فيما يتعلق بالميراث ومعدله ، إذ أنه من المسلمات القانونية التمييز بين الحق في الميراث ومعدل الميراث.

1. إن حق المرأة في الميراث الذي أسسه وفرضه القرآن في أوساط العرب في بداية القرن السابع ، هو حق غير قابل للتصرف فهو ثابت وخالد أي لا يتغير بمقتضى الظروف وتغيرها.

2. أما معدل الميراث الذي وضع في زمن الوحي فهو يمثل الحد الأدنى للميراث. هذا المعدل جاء بموجب ظروف الزمان والمكان والأسباب والأهداف القائمة آنذاك أي أنه متحول وقابل للمراجعة نحو الزيادة وليس العكس.

فمثلا في فرنسا ، الحد الأدنى للأجور هو حق لا جدال فيه ، فهل يفكر اليوم ذو عقل في تطبيق معدل الحد الأدنى للأجور المقرر في السبعينيات ؟ بالطبع لا.

لنقف عند عبارة حدود الله في القرآن التي ذكرت بهذه الصيغة 12 مرة :

في السورة 2 (البقرة) :

مرة واحدة في الآية 187 ؛

و 4 مرات في الآية 229 ؛

ومرتين في الآية 230 ؛

وفي السورة 4 (النساء) مرة واحدة في الآية 13 ؛

وفي السورة 9 (التوبة) مرة واحدة في الآية 112 ؛

وفي السورة 58 (المجادلة) مرة واحدة في الآية 4 ؛

وفي السورة 65 (الطلاق) مرتين في الآية 1.

وجاءت بعبارة « حدوده » ، والهاء تعود على الله ، في الآية 14 من السورة 4 (النساء) :

{ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ }.

كما جاءت كلمة حدود في تعبير مغاير في الآية 97 من السورة 9 (التوبة) :

{ الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }.

لابد من الانتباه أن أكثر ما ورد لفظ « حدود الله » كان بشأن النساء لصون حقوقهن الأساسية التي كانت ضئيلة جدا عند ظهور الإسلام.

هل ثمة بد من التذكير أنه كلما تعلق الأمر بالمرأة منذ زمن النبي عليه السلام كان هناك معارضون للأحكام الصريحة لذا جاء النص ليذكّرهم بعدم تخطي هذه الحدود لأن كل واحد منها هو في حقيقة الأمر الحد الأدنى أي أقل مستوى من الحقوق التي لا يمكن النزول دونها.

ومن نافلة القول أن العرب لم يرحبوا ، في بداية القرن السابع الميلادي ، بحماس كبير بحق المرأة في الميراث ؛ فقد يفسِّر ذلك معدل حصّتها من الميراث في ذلك الزمن أي قد يكون من قبيل التدريج لتحقيق التغيير.

وعلى الرغم من معدل الميراث الموافق لذلك السياق التاريخي والاجتماعي لا يزال حق المرأة في الميراث لا يراعى بشكل صحيح في بعض الحالات إلى يومنا هذا وليس عند العرب وحدهم.

المسلمون التقليديون المنحرفون ، الذين يحرفون الكلم عن مواضعه ويخرجون الآيات من سياقاتها ، لا يفعلون أفضل من نظرائهم اليهود والمسيحيين ، الذين يقولون صراحة بأن المرأة هي أول من ارتكب الخطيئة ويسردون حرفيا ما جاء في الكتاب المقدس ؛ إذ نقرأ في الآية 6 من الأصحاح 3 من سفر التكوين :

{ وَرَأَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلأَكْلِ، وَأَنَّهَا بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ، وَأَنَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ. فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ، وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا أَيْضًا مَعَهَا فَأَكَل }.

وفي الآية 12 :

{ فقال آدم المرأة الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ }.

لإثبات أن المرأة ليست مساوية للرجل وأنه يجب أن تكون تحت وصاية هذا الأخير ، طرح التقليديون المنحرفون ، من بين أمور أخرى ، الدعوى القائلة بأن الله سبحانه وتعالى لم يختر أنبياءه ورسله ليحملوا رسالاته إلى الناس من النساء بل من الرجال فقط.

يكفي أن نتصوّر نساء نبيات يدعون بين أقوام غلاظ ، لا إيمان ولا قانون لهم ولا أخلاق ، يفنون حياتهم في القتال والغزو ، يذبحون الأطفال قربانا لآلهتهم ويزدرون النساء أي ازدراء لدرجة أن قيمتها عندهم لم تكن أكثر من قيمة المتاع. يكفي أن نتصوّر ذلك لندرك السبب في اختيار الرجال لحمل الرسلات الإلاهية.

وإن كان الكثير من النساء لا يزلن يعانين إلى اليوم من ظلم الرجال كيف يمكن أن نصف الظروف المروعة التي عاشتها النساء عقودًا وقرونًا وآلاف السنين قبل عصرنا هذا ؟

قد يرُدُّ بعضُ ممن يقرأ أو يسمع كلامي أن « الرجل والمرأة متكاملان ، لكنهما مختلفان ، ألم يرد في القرآن « وليس الذكر كالأنثى ؟ »

وقد يُضيف أيضا : « ليس القبائلي كالعربي ، والأبيض كالأسود ، والياباني كالصيني الخ … إنهم متكاملون ولكن مختلفون ». أقول هل المقصود أن « مختلف » تعني « غير متساو »؟

دعونا نرى بدقة أكبر كيف ورد هذا الاختلاف بين الذكر والأنثى في القرآن. نقرأ في الآية 36 من السورة 3 (آل عمران) :

{ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ }.

إن سياق هذه الآية جاء في الكلام عن جدة عيسى عليه السلام ، « امرأة عمران » التي نذرت ما في بطنها إلى الله تعالى وهي تعوّل على أن يكون ذكرا وليس أنثى ، كما كان متعارفا في تلك العهود مرة أخرى.

فلما تبيَّن لها أنها وضعت أنثى أي مريم أم عيسى عليهما السلام ، اعتذرت ظنا منها ، كقومها ، أن الذكر وحده ينذر لخدمة الله في المعبد. فهي التي قالت ببراءة « وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى ». وفي هذا السياق جاءت الجملة الاعتراضية : « وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ » وهي خطاب الله من باب التنبيه على أن الخالق سواء عنده الجنس ذكرا كان أم أنثى.

ومنذ ذلك الزمن ولمدة قرون وقرون إلى اليوم ، الإنسانية بكاملها تعرف مكانة مريم أم عيسى عليهما السلام. وفي القرآن سورة وهي السورة 19 تحمل اسم « مريم » ؛ كما تحمل السورة 3 اسم عائلتها ، « آل عمران ».

وعلى وجه التحديد تخبرنا الآيتان 42 و 43 من السورة 3 (آل عمران) أن الله قد اختار هذه المرأة بالذات وطهرها واصطفاها على كل النساء ، وتقبلها الله قبولا حسنا :

{ وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (42) يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) }.

ويجب الانتباه إلى الآية 12 من السورة 66 (التحريم) حيث وُصفت مريم بأنها كانت « من القانتين » بصيغة المذكر ، بدل الْقَانِتَات مع أن الكلمة بصيغة المؤنث مستخدمة في القرآن. هنا يؤكد الله سبحانه من خلال مريم على أن الرجل والمرأة متساويان :

{ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ }.

ومن بين ما يُبيّن أهمية المرأة في القرآن وفي الخلق عامة أن القرآن يذكر امرأة فرعون في الآية 11 من السورة 66 (التحريم) كمثلٍ يُقتدى للذين آمنوا :

{ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }.

وأغتنم هذه الفرصة لأكرّر ما قلته من قبل حول كلمتي « الظلمة » و « الظلام » من جهة وكلمة « الظلم » من جهة أخرى حيث تشترك كلها في المادة المكونة لها وهي « ظ – ل – م ». أما معنى « الظلمة » و « الظلام » فهو السواد والعتمة أي انعدام النور سواء حسيا أو معنويا وأما « الظلم » فهو الجور ووضع الشيء في غير موضعه أي ضد العدل.

فالمتأمل يلحظ تلازما بين الظلم والظلام ، فالظالم كمن يسير في الظلمة وانعدام النور فهو لا يبصر بل يتخبط ولا يرى معالم الطريق ويضع الأشياء في غير محلها ؛ فينحرف عن الصواب ويغرق في الظلام والظلم فتتراكم الظلمة عليه وتؤول به إلى ارتكاب المظالم فيصبح ظالما إلى درجة الغياب في غياهب الظلام الفكري والروحي.

بناء على كل ما سبق يمكننا القول بأن الظالم مُظلِم وظلاميّ والعكس صحيح أي أن المُظلِم والظلاميّ ظالم بل حتى المظلوم أي من وقع عليه الظلم يكون مُظلِم إذ يمارَس عليه التضليل ، وتبعا لذلك تظلم الدنيا في عينيه ولا يقدر على شيء.

وقد جاء في الذكر الحكيم في الآية 16 من السورة 13 (الرعد) :

{ … قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ… }.

وأذكّر هنا أنه على عكس عربية القرآن فإن مفهوم « الظلامية » (obscurantisme) لم يظهر في اللغة الفرنسية إلا منذ القرن التاسع عشر ، وتحديداً منذ عام 1819 ، للدلالة على أن الظلاميةَ معارضةٌ للتنوير.

وأعود إلى معرض حديثي لأنبّه على أن الآيات المذكورة أعلاه تتحدث عن جدة المسيح عليه السلام وليس عن جدّه ، كما تتحدث بشأن موسى عن أمه وأخته لا عن والده ، وامرأة فرعون هي التي ضربت مثلا للمؤمنين ، إشارة واضحة إلى أهمية المرأة في القرآن.

أودّ أيضًا أن أُلفِت الانتباه إلى بعض الآيات التي قد تشير إلى أصل أنثوي للبشرية والله أعلم. الآية 1 من السورة 4 (النساء) :

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }.

والآية 189 من السورة 7 (الأعراف) :

{ هُوَ ٱلَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٍ۬ وَٲحِدَةٍ۬ وَجَعَلَ مِنۡہَا زَوۡجَهَا لِيَسۡكُنَ إِلَيۡہَا‌ۖ فَلَمَّا تَغَشَّٮٰهَا حَمَلَتۡ حَمۡلاً خَفِيفً۬ا فَمَرَّتۡ بِهِۦ‌ۖ فَلَمَّآ أَثۡقَلَت دَّعَوَا ٱللَّهَ رَبَّهُمَا لَٮِٕنۡ ءَاتَيۡتَنَا صَـٰلِحً۬ا لَّنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ }.

يَعتبر القرآنُ العنصريةَ أوّلَ خطيئة كبرى في حق الله سبحانه وتعالى ، وكان إبليس أول من اقترفها حين أبى مستكبرا أن يسجد أمام أول إنسان ، زاعما أنه خير منه لأنه خلق من نار لا من طين كما ورد ذكره في الآية 76 من السورة 38 (ص) :

{ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ }.

هذه الآية ليست سوى تكرار لإجابة إبليس في الآية 12 من السورة 7 (الأعراف). كما تذكِّرُنا الآية 76 بالسورة 76 واسمها (الإنسان).

وبالتالي كل من يعتقد أنه أفضل من غيره إلا ويتبع خطوات الشيطان باقترافه خطيئة شيطانيةَ الأصل ؛ والله يعلم أن العنصريين في جميع أنحاء العالم كُثر.

وجاء في الذكر الحكيم قوله تعالى في الآية 13 من السورة 49 (الحجرات) :

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }.

وختاما لهذا الجزء الرابع أُذكِّر بالآية 58 من السورة 33 (الأحزاب) :

{ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا }.

والحمد لله رب العالمين.

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لمؤسسة حفظ و نشر أعمال السيد فريد قبطاني